في قديم الزمان حَكَم البلاد ملك عادلٌ وحكيمٌ، ويحبّه جميع أبناء شعبه.

وكان للملك ابنة وحيدة تولّى رعايتها وحده بعد أن توفيت والدتها حتى كبرت وصارت فتاة جميلة يأتي الشبان لخطبتها.

لكنّ الأميرة ابنة الملك كانت مغرورة جدًا، وترى نفسها الأجمل والأفضل بين الجميع، وتعامل الخدم في القصر بقلة احترام.

حتى إنها رفضت جميع من تقدم لخطبتها لأنها ترى نفسها أجمل منهم وأفضل منهم.

ووالدها الملك لم يكن راضيًا عن تصرفاتها تلك، وقرر أن يعاقبها عقابًا قاسيًا حتى تعود إلى صوابها ورُشدها.

وفي يوم من الأيام نادى الملك على ابنته الأميرة، وقال لها بحزم وعلامات الغضب بادية على وجهه: حالتك هذه وتصرفاتك لا تُعجبني، لذا ستتزوجين من أول شخص سيدخل إلى القصر مهما كان، وإياكِ أن تحاولي الرفض.

من شدة غرورها ظنّت الأميرة أنّ الملك يُهددها فقط، ولن يفعل ما قاله لها.

وفي صباح اليوم التالي استيقظ القصر على صوت موسيقي عذب يأتي من الخارج، يعزفه شابّ يبدو على مظهره الفقر، فأمر الملك من الخدم أن يُدخلوه إليه.

وقف الشاب بين يدي الملك مطأطئ الرأس وقال: أمرك مولاي، فقال الملك بكلمات مختصرة: اخترتك زوجًا لابنتي، والزفاف سيكون الليلة.

دُهِش الشاب كثيرًا مما سمع ولم يجد مهربًا من قرار الملك، أما الأميرة فقد بكت بكاء شديدًا ولم تستطع فعل شيء حِيال ذلك.

وبالفعل أُقيمت مراسم زفاف الشابّ الفقير على الأميرة، ثم ذهبا معًا للعيش في منزل الشاب المتواضع، والموجود على أطراف الغابة.

كانت الأميرة حزينةً لأنها تركت حياة الثراء وجاءت إلى حياة الفقر، وكان عليها أن تقوم بكلّ واجبات المنزل والزوج، والتي لم تكن معتادة عليها.

واجهت الأميرة صعوبة في تقبّل الحياة الجديدة المتعبة، لكنها مع مرور الوقت اعتادت عليها، وانعكس تولّي المسؤولية إيجابًا على شخصيتها وتصرفاتها، فتخلّت عن غرورها وكِبرها، وصارت تعامل الجميع بلطف وتواضع.

لما رأى الشاب الفقير التغير الذي حدث للأميرة قرر أن يُخبرها سرًا أخفاه عنها طويلًا، فخرجا معًا وسارا ناحية قصر كبير وجميل ووقفا أمامه، فقال الشّاب: هذا القصر لنا يا عزيزتي، أنا الأمير ابن صديق والدك الملك، وما حدث كان باتفاق بين وبين والدك ليكون درسًا لكِ.

وقفت الأميرة مكانها مذهولة لا تصدّق ما يحدث، ثم اقتربت من زوجها وعانقته بقوّة.


معاني المفردات:

*مطأطئ الرأس: خافض الرأس.

*مراسم: طقوس وعادات.

*الثراء: الغِنى.


ولقراءة المزيد من القصص العالمية والشعبية: قصة حورية البحر، قصة هايدي.