كان ذو القرنين ملكًا عادلًا لا يتجبّر ولا يتكبّر، وكان يقطع المسافات البعيدة لينشر العدل وينصر الحقّ ويحمي المظلومين، فأعطاه الله مُلكًا كبيرًا.


في إحدى رحلات ذي القرنين مرّ على قوم شكُوا إليه الفساد والهجمات المتكررة التي يتعرضون لها من قوم يأجوج ومأجوج، وطلبوا مساعدته في حماية أرضهم منهم؛ لعدم قدرتهم على فعل ذلك وحدهم، وقد عرضوا عليه المال جزاء ذلك.


لم يقبل ذو القرنين منهم المال وأخبرهم أنه لا يحتاجه؛ فقد أكرمه الله تعالى بالنعم الكثيرة، وطلب منهم أن يُحضروا له الحديد والنحاس وأن يساعدوه بقوّتهم البدنيّة، فبنوا سدًا عظيمًا مرتفعًا من الحديد بين جبلين، ولما انتهوا من بنائه سكبوا عليه النحاس المُذاب فاختلط الحديد بالنحاس وأصبح سدًا قويًّا عاليًا يسد طريق يأجوج ومأجوج.


ولما عاد قوم يأجوج ومأجوج للإفساد في الأرض ومهاجمة القوم الضعفاء فوجئوا بوجود السد العظيم، وحاولوا تجاوزه لكنهم لم يستطيعوا اختراقه وتجاوزه أو تسلّقه أو إحداث أي حفرة فيه، فلم تنجح محاولاتهم أبدًا.


نظر ذو القرنين إلى السد العظيم الذي حمى الناس من فساد يأجوج ومأجوج، وشكر الله تعالى على رحمته بالناس؛ فهو من هداهم لفكرة بنائه وأعانهم حتّى أنهوه.