كان حاتم رجلًا صالحًا، وقد تمنّى أن يذهب إلى الحج لكنّه كان لا يملك المال الكافي للسفر، ولا المال الكافي لأبنائه في غيابه عنهم.
ولما جاء موعد الحج رأته ابنته حزينًا، وكانت ابنته صالحة مثله، وحين سألته عن سبب حزنه أخبرها عن رغبته بالحج، وقال إنّه لا يملك مالًا كافيًا للسفر، ولا مالًا يتركه لهم في غيابه.
ابتسمت البنت في وجه أبيها وقالت: الله يرزقنا ويرزُقك.
فخرج حاتم في رحلة الحج ولم يترك في البيت سوى مال يكفي لثلاثة أيام.
وفي أول الطريق لسع عقرب قائد الرحلة فبحثوا عمّن يُداويه، فداواه حاتم وشُفي بإذن الله.
فقرر الأمير أن يعطي حاتم المال الكافي ليُنفقه في الحج جزاءً له على معالجته.
فدعا حاتم: يا رب كما رزقتني ارزق عائلتي.
مرت الأيام الثلاثة، وانتهى المال الذي تركه حاتم لأهل بيته، فبدؤوا يشعرون بالجوع ويلومون أختهم على ذلك،
فقالت: هل أبونا حاتم رزّاق أم آكل للرزق؟
فقالوا: آكل للرزق؛ فالرزّاق هو الله.
فقالت: إذن ذهب آكل الرزق وبقي الرزّاق.
ثمّ دقّ الباب فجأةً، وكان أحد حراس الأمير يطلب ماء للأمير ليشرب وهو مع موكبه في المدينة، فناولوه الماء وشرب الأمير، فأحسّ أن طعم الماء حلو ولذيذ لم يتذوّق مثله من قبل، فشرب حتّى ذهب عطشه.
سأل الأمير: من أين أحضرتم الماء؟
فقالوا: من بيت حاتم.
فقال: نادوه لأشكره وأكافئه.
قالوا: لقد خرج للحج.
فخلع الأمير خاتمه المليء بالجواهر وقال: هذا لأهل بيته.
فباع أبناء حاتم الخاتم واشتروا الطعام وهم يضحكون، فبكت البنت.
فقالو لها: والله إنك عجيبة؛ كنا نبكي من الجوع وأنت تضحكين، أما حين رزقنا الله جلست تبكين.
فقالت البنت: هذا الأمير الذي أعطانا من المال ما يكفينا قد يسّره الله لنا جزاء على صدق إيمان أبينا.
المفردات والمعاني:
* يُداويه: يُعالجه.
* موكب: مجموعة من الحرّاس يمشون معه.
*جزاء: مكافأة