في يوم من الأيام خرج موسى عليه السلام مع فتى للبحث عن رجل صالح اسمه الخِضْر ليتعلم منه موسى المزيد من العلم والحكمة، وقد أخذا معهما المتاع وما يحتاجانه من الماء والطعام وغيره استعدادًا للرحلة.
مشى موسى عليه السلام مع الفتى حتى أحسا بالتّعب، فجلسا بعض الوقت عند صخرة ليَرْتَاحَا ثمّ أكْمَلا المسير، وفي الطريق شعر موسى عليه السلام بالجوع وطلب من الفتى أن يُحْضّر الطّعام.
اكتشف الفتى أنه نَسِيَ المَتاع والطعام عند الصّخرة التي استراحا عندها أول مرة.
عاد موسى والفتى إلى الصخرة ليُحضرا ما نسياه، وعندما وصلا وَجَدَا رَجلًا يجلس هناك، فسلّم موسى على الرّجل وعرّفه بنفسه وكذلك فَعَل الرّجل، فعرف موسى أنّه هو الخضر الذي يبحث عنه.
طلب موسى عليه السلام من الخضر أن يُرافقه ليتعلّم منه المزيد من العلم والحكمة، فأخبره الخضر أن التّعلم يحتاج إلى الكثير من الصّبْر، وأنه لن يستطيع تحمّل المواقف التي سيمرون بها.
أصرّ موسى على مرافقته ووعده أنه سيكون صابرًا حتى يتعلم، فوافق الخضر بِشَرْط أن لا يسأله موسى عن أي شيء يحدث معهما حتّى يشرح هو له ما يَفْعَل.
وافق موسى عليه السلام وبدأت الرّحلة، وركب موسى والخضر في سفينة، ورحّب أصحابها بهما كثيرًا.
أبحرت السّفينة في البحر، ولما اقتربت من الوصول إلى اليابسة كَسَرَ الخضر عددًا من ألواح السفينة الخشبية، فتعجّب موسى من فعله وسأله عن سبب ذلك، فذكّره الخضر بوعده الذي وعده إياه قبل بدء الرحلة، فاعتذر موسى عليه السلام وأخبره أنه نسي ذلك.
نزل موسى والخضر من السفينة وسارا حتّى وجدا مجموعة من الصبيان يلعبون، فقتل الخضر أحدهم واعترض موسى عليه السلام على ذلك، فذكّره الخضر بوعده للمرّة الثّانية، واعتذر منه موسى مرّة أخرى وأخبره أنه سيتركه إذا لم يلْتزم بوعده بعد ذلك.
سَارَ الخضر وموسى عليه السلام حتّى وصلا إلى إحدى القرى، وحين طَلَبَا الطّعام رفض أهلها تَقْديمه لهما فَقررا المُغادَرة.
وفي طريق خُروجِهما رأى الخضر جدارًا قد انهارت بعض حجارته، فجمعها وأعاد بناءه، فسأله موسى عليه السلام عن عدم طلبه المال مقابل ذلك، وبذلك نسي موسى عليه السلام للمرة الثالثة وعده ولم يستطع الصبر على ما يفعله الخضر.
أخبر الخضر موسى عليه السلام أنّهما يجب أن يفترقا هذه المرة، لكن قبل أن يتركه بدأ يوضح له الحكمة من أفعاله ويُبين له أنّ كل ما حدث كان بأمر من الله تعالى.
فالضّرر الذي سبّبه للسفينة كان بسبب وجود ملك ظالم يأخذ كل سفينة من أصحابها بالقوة، فأحدث الخضر فيها هذا العَيْب كي لا يأخذها الملك وتبقى لأصحابها ويُصْلِحُونها في ما بعد.
أما الصبي الذي قتله فقد عرف الخضر بوحي من الله تعالى أنه لن يكون بارًّا بوالديه عندما يكبر، وكان الوالدان مؤمنَين ومُطيعَين لله تعالى فأراد الله أن يُعْطيهما غيره أبناء بارّين بهما.
أمّا الجدار الذي بناه في القرية فكان لطفلين يتيمين وكان أبوهما قد دفن لهما كنَزًا تحته، وإذا انهار كامل الجدار سيأخذ أهل القرية هذا الكنز، فأراد الله أن يَحْفظه للطفلين حتّى يَكْبرا فأمر الخضر ببناء الجدار.
وهكذا عرف موسى عليه السلام الحكمة في كل عمل قام به الخضر، وزاد عنده الصّبر والإيمان بحكمة الله تعالى من كل شيء يحدث في الحياة، فالخير كان مُخَبّأ في تلك القصص مهما اعتقدنا أنها أحداث سيئة.
المفردات والمعاني:
*المتاع: الأغراض الشخصية.