في يوم من الأيام قرر جحا أن يُسافر مع ابنه إلى بلاد بعيدة للبحث عن عمل.

جهّز جحا ما يحتاج إليه في السفر ثم ركب هو وابنه على ظهر الحمار وانطلقا.

وفي الطريق دخل جحا وابنه إلى قرية من القرى، وعندما رأى أهل القرية جحا وابنه بدؤوا يتهامسون في ما بينهم،

وسمع جحا أحد الجالسين يقول: أنتما بلا رحمة أو شفقة، كيف تركبان على ظهر الحمار المسكين معًا؟

فكّر جحا بكلام الرجل وقرّر أن يركب على الحمار مرة ويمشي ابنه، ثم يمشي ليركب ابنه.

وبالفعل نزل الابن عن الحمار وبقي جحا راكبًا عليه ثمّ أكملا طريقهما.

بعد مدة من السير مرّ جحا على مجموعة أخرى من الأشخاص يتحدثون، ولما اقترب منهم قالوا له: يا لك من أب قاسٍ، أنتَ تركب على الحمار مُرتاحًا وتترك ابنك الصغير يمشي ويتعب!

فنزل جحا عن ظهر الحمار وترك ابنه يركب بدلًا منه، ثم واصلا السير حتى وصلا إلى قرية أخرى،

وعندما شاهد أهلها الابن يركب على الحمار والأب يسير على قدميه قالوا للابن: كيف تركب على ظهر الحمار مرْتاحًا وتترك أباك يسير على قدميه؟!

احتار جحا في ما يفعل، وطلب من ابنه أن ينزل عن ظهر الحمار ويمشي معه.

وتابع جحا وابنه طريقهما مَشيًا على الأقدام يجرّان الحمار خلفهما حتّى دخلا إلى قرية غير التي كانوا فيها،

فلما شاهدوهما أهل القرية قالوا: انظروا إليهما يا لهما من أحمَقَين، يمشيان ويتعبان ويتركان الحمار يسير مرتاحًا دون أن يركبه أحد!

وما إن سمع جحا هذا الكلام حتى انزعج وغضب كثيرًا، فالناس لم يدعوه وشأنه، وظلوا يتكلمون عنه دون أن يعلموا شيئًا عن نواياه.

فقرّر أن يفعل ما يراه هو مناسبًا دون أن يستمع إلى كلام الناس، وأكمل رحلته مع ابنه كما يُريد دون أن يهتمّ لكلام أحد.