كانت أم مريم امرأة مؤمنةً تحب الله تعالى وتتقرب إليه بالأعمال الصالحة دائمًا، ولما حملت بطفلتها كانت تدعو الله أن يحميها ويحمي أبناءها في المستقبل من الشيطان، وعندما ولدتها أسمتها مريم.

حفظ الله تعالى مريم بدعاء والدتها، وحين كبرت أرسلتها أمها إلى مكان للعبادة، ولما علم نبي الله زكريا بذلك تكفّل برعايتها في ذلك المكان.

كانت مريم تقضي يومها بذكر الله وعبادته ولا تخرج من مكان عبادتها، وكان الله تعالى يزرقها دائمًا.

كان سيدنا زكريا عليه السلام حين يذهب إلى مريم ليطمئن عليها يجد عندها طعامًا فيسألها مستغربًا: من أين حصلت على هذا الطعام؟ تقول له: هذا زرق من عند الله.

اختار الله تعالى مريم لصلاحها من بين النساء وفضّلها على كل نساء العالم، ففي أحد الأيام أتى إليها الوحي جبريل عليه السلام وأخبرها أنّها ستكون أمًا لطفل ليس له أب، وهذه معجزة لم تحصل لأحد سواها.

ولما حان الوقت لحدوث المعجزة خرجت مريم وسكنت مكانًا بعيدًا عن أهلها، وخلق الله في بطن مريم طفلًا هو سيدنا عيسى عليه السلام، وحين ولدته أمرها الله تعالى ألا تكلم أحدًا من البشر إذا سألوها عن طفلها ويكفي أن تشير إليه ولا تتحدث بأي كلمة.

حملت مريم عليها السلام مولودها وعادت إلى أهلها، وحين رآها أهلها تحمل طفلًا ذهلوا من ذلك لأنها لم تتزوج وسألوها عما حدث معها، لكن مريم عليها السلام لم تقل شيئًا وأشارت إلى الطفل كما أمرها الله تعالى.

لما أشارت مريم إلى طفلها حدثت معجزة أخرى، فقد تكلّم الطفل الرضيع -عيسى عليه السلام- وقال: إنّ مريم هي أمه، وإنه هو رسول الله.

فسكت الجميع أمام هذه المعجزة، وعادت مريم إلى العبادة والعناية بطفلها حتى كَبُر، وأصبح عيسى عليه السلام أحد الأنبياء الذين يدعون الناس لعبادة الله تعالى وحده.