يُحكى أنه في قديم الزمان كان يعيش في الغابة الجميلة ذات الأشجار الكبيرة مع مجموعة من الحيوانات غُرابٌ طيّب القلب، ومعروف عنه أنه يُحبّ تقديم المساعدة للجميع.
كانت جميع الحيوانات تحبّ هذا الغراب اللطيف وتحترمه، ما عدا الثعلب المكّار الذي لا يحبّ أحدًا، بل على العكس يسعى إلى إلحاق الضرر والأذى بهم.
وفي صباح يوم من أيام الربيع الجميلة في تلك الغابة خرج كلّ حيوان من الحيوانات من بيته ليبحث عن طعامه، لكنّ الثعلب الكسول بقي نائمًا تحت ظلّ الأشجار.
خرج من عشّه وطار في أنحاء الغابة كلها باحثًا عن رزقه، وبعد مدّة وجد قطعة جبن كبيرة مُلقاة على الأرض، ففرح كثيرًا وأسرع إليها يلتقطها، وقال في نفسه: يا لها من قطعة جبن يبدو أنها لذيذة وستكون وجبة مُشبعة.
أخذ الغراب بمنقاره قطعة الجبن عن الأرض وطار بعيدًا عن المكان حتى وصل إلى شجرة كبيرة عليها أغصان كثيرة فوقف على أحدها، وفي الصدفة كانت تلك الشجرة هي نفسها التي ينام الثعلب أسفلها.
سمع الثعلب حركة الغراب فوقه فاستيقظ على الفور، وقام من مكانه يلفّ حول الشجرة علّه يستطيع رؤية ما يفعله، فلاحظ وجود قطعة جبن صفراء كبيرة في فم الغراب، وكان الثعلب وقتها جائعًا وأراد الحصول على الجبنة بأية طريقة.
أخذ الثعلب يتمشى في المكان يفكر بطريقة يحصل بها على قطعة الجبن فهو لا يستطيع أن يتسلق تلك الشجرة، وفجأة لمعت في باله حيلة شريرة وقرر أن ينفّذها حالًا.
نادى الثعلب على الغراب وقال: مرحبًا أيها الغراب، أنا صديقك الثعلب موجود في الأسفل، أخبرني كيف حالك اليوم؟ لم يرد الغراب على الثعلب لأنّ قطعة الجبن في فمه ولا يستطيع الكلام، وأحسّ بشيء غير مُريح من كلام الثعلب، فليس من عادته أن يسأل عن حاله.
شعر الثعلب بالغضب لأنّ حيلته قد لا تنجح، لكنّه أعاد الحديث وقال: لماذا لا تردّ عليّ أيها الغراب، ألم تسمعني؟ لكن أيضًا لم يأته ردّ منه، فقال: حسنًا، أن فقط أردتُ إخباركَ أنّ الحيوانات هنا في الغابة تتحدّث عن أنّ صوتك جميل جدًا في الغناء، فأردتُ أن أطلب منك أن تغنّي لي شيئًا لأنني حزين، وتظاهر الثعلب أنّه يبكي.
رقّ قلب الغراب وشعر أنّه تسرّع في خوفه من الثعلب، فأراد أن يُراضيه ويُغنّي له، وما إن فتح فمه ليغني حتى سقطت قطعة الجبن منه، فأخذها الثعلب وهرب مسرعًا، ففهم الغراب الخدعة وحزن حزنًا شديدًا.
معاني المفردات:
*مكّار: مُخادع.
*يلتقطها: يأخذها عن الأرض.
*حيلة: خدعة.