كان في قديم الزمان ملك ظالم له ساحر يخدمه، ولمّا كبر الساحر طلب من الملك أن يُحضر له غلامًا يعلمه السحر، فوافق الملك على ذلك.

بدأ الغلام يذهب إلى الساحر ليتعلم السحر، وفي الطريق يمر على رجل يُعلّمه الدين، وهكذا بدأ الغلام يفكر بما يسمعه من الساحر وما يسمعه من الرجل المؤمن وأصبح في حيرة من أمره.

وفي يوم من الأيام وقف حيوان كبير في الطريق منع الناس من العبور، وقرر الغلام مواجهة هذا الحيوان ليعرف مَن الأفضل الساحر أم الرجل المؤمن، فأخذ الغلام حجرًا وقال: يا رب إذا كان كلام الرجل المؤمن يُرضيك وكلام الساحر يُغضبك فاجعل الحجر يقتل هذا الحيوان، ثم رمى الحجر، وبالفعل أصاب الحيوان فمات، فعرف الغلام أنّ كلام الرجل المؤمن هو الحق، فاستمر بالتعلم منه وآمن بالله تعالى.

أعطى الله تعالى القدرة للغلام على شفاء الناس من الأمراض بإذن الله، فكان يأتي إليه المريض فيدعو له الغلام الله تعالى ليشفيه فيُشفى.

كان أحد أصدقاء الملك أعمى،

فلما سمع بهذا الغلام ذهب إليه ليشفيه من العمى، فقال له الغلام: إن الله هو من يشفي المريض فإذا آمنت بالله سأدعو لك الله فتُشفى، وبالفعل آمن الرجل بالله وشفي من العمى.

حين عاد هذا الرجل ليجلس مع صديقه الملك، سأله كيف رجع إليه بصره فأخبره أنّ الله شفاه، فغضب الملك وقال: هل تعبد أحدًا غيري؟ فأجابه الرجل: الله ربّي وربك، فغضب الملك وبدأ يعذب الرجل حتى عرف مكان الغلام وأحضره إلى القصر.

أمر الملك الغلام أن يترك دينه ويعود إلى عبادة الملك لكنه رفض، فطلب من جنوده أن يأخذوه إلى أعلى الجبل ويُلقوه من هناك، فأخذه الجنود ودعا الغلام الله تعالى أن يُنجيه منهم، فاهتزّ الجبل ومات الجنود ونجا الغلام، وعاد إلى الملك مرة أخرى.

حاول الملك قتل الغلام أكثر من مرة بطرق مختلفة، لكن كان الغلام في كل مرة يدعو الله تعالى أن يُنجيه فيموت الجنود ويعود هو سالمًا.

أراد الغلام أن يُثبت للملك قدرة الله تعالى ويجعل الناس يؤمنون بالله فقال: لن تستطيع قتلي إلا بطريقة واحدة؛ تجمع كل الناس في مكان واحد وتُعلقني على جذع أمامهم، وتأخذ سهمًا مني ثم تقول بصوت عالٍ: باسم الله رب الغلام، ثم تُطلقه عليّ.

فعل الملك ذلك فمات الغلام، فأدرك الناس قدرة الله تعالى وبدؤوا جميعًا يصيحون بأعلى صوت: آمنّا بالله رب الغلام، لقد آمن الناس جميعًا لما رأوا ما حدث، وعرفوا أنّ الله الذي أعطى الغلام القوّة هو ربّهم.

هدد الملك الناس بأنه سيقتلهم إذا لم يتركوا عبادة الله، ولما أصروا على موقفهم أمر الملك بحفر أخدود وإشعال النار فيه، ورمي كل من يُصر على الإيمان بالله تعالى فيه، فاختار الناس الثبات على موقفهم وماتوا مؤمنين بالله تعالى.

رضي الله عن المؤمنين الذين ثبتوا على طريق الحقّ وذكر قصتهم في القرآن الكريم في سورة البروج.


المعاني والمفردات:

*غلام: صبي.

*أخدود: حفرة كبيرة في الأرض.