نشأ إبراهيم عليه السلام بين قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، وعندما أصبح إبراهيم شابًّا رفض عبادة الأصنام؛ لأنه لم يُصدّق أنّ هذه الأصنام التي صنعها قومه بأيديهم هي إله، فهي حجارة لا تنفعهم ولا تضرهم فكيف يعبدونها.

كان إبراهيم يفكر دائمًا أنه لا بد من وجود إله عظيم خالق لهذا الكون، فكان يخرج ويتأمل الشمس والقمر في السماء ويتساءل:

هل يمكن أن تكون الشمس هي الخالق العظيم؟

هل يمكن أن يكون القمر هو الخالق العظيم؟

 وحين رأى الشمس والقمر يغيبان عرف أنهما ليسا الخالق، فالخالق يمتلك صفة الكمال والقوّة والشمس والقمر ليسا كذلك.

بعد أن تأكد إبراهيم أن الشمس والقمر لا يمكن أن تكون هي الإله دعا خالقه أن يهديه إليه ليطمئن، وكان متأكدًا أن هذا الخالق العظيم سيسمعه، فاستجاب له الله تعالى وألهمه الإيمان.

عرف إبراهيم أن الله الخالق العظيم لا نستطيع أن نراه، لكنه يرانا ويسمعنا ويرعانا، فآمن بالله واطمئن إليه، وحينها أرسله الله تعالى إلى قومه ليدعوهم لعبادته.

أراد إبراهيم أن يُثبت لقومه قدرة الله تعالى وأن الأصنام التي يعبدونها لا تقدر على شيء ولا تستطيع أن تحمي نفسها.

ففي يوم من الأيام خرج قوم إبراهيم من القرية لكن إبراهيم لم يخرج معهم، فحطّم الأصنام الصغيرة وترك أكبر الأصنام دون أن يحطمه، ولمّا رجع القوم رأوا أصنامهم قد تحطّمت، فذهبوا إلى إبراهيم ليسألوه عن ذلك لأنه الوحيد الذي لم يؤمن بها.

ردّ عليهم إبراهيم وأخبرهم أنّ كبيرَ الأصنام هو من حطّم الأصنام الصغيرة، وقال لهم: اسألوه إن كنتم لا تصدقونني.

تعجب قوم إبراهيم منه وقالوا له: أنت تعرف أن الأصنام لا تتكلم فكيف سنسأل كبيرها؟

فقال إبراهيم: إذا كنتم تعرفون أن هذه الأصنام لا تستطيع أن تتكلم ولم تحمِ نفسها فكيف تعبدونها لتحميكم وهي ضعيفة؟

لم يجد القوم حُجَّة يردّون بها على إبراهيم، وأنكروا الحقيقة التي أثبتها إبراهيم لهم، وأصروا على عبادة الأصنام، وقرّروا أن يعاقبوا إبراهيم لأنه حطم أصنامهم، فأشعلوا نارًا عظيمة ورموه فيها أمام الجميع عقابًا له على فعلته.

أمر الله تعالى النّار أن تكون بردًا وسلامًا على إبراهيم وأنجاه من حرّها ولهيبها، فخرج إبراهيم من النار دون أن يتأذى، وكانت هذه معجزة ودليلًا على قدرة الله ووجوده وعلى صدق دعوة إبراهيم.

وبالرغم من هذه المعجزة لإبراهيم عليه السلام لم يؤمن له قومه وأصروا على عداوته، فقرر أن يعتزلهم ويسكن بعيدًا عنهم، وتزوج من هاجر ورُزق بابنه إسماعيل، ثم أوحى الله تعالى إليه أن يأخذ هاجر وإسماعيل إلى وادٍ عند البيت الحرام، فبنى مع ابنه إسماعيل الكعبة، وبارك الله في تلك الأرض وجعلها آمنةً بدعاء إبراهيم.

ورُزق إبراهيم عليه السلام بابنين آخرين، هما إسحق ويعقوب، وجعل الله أبناءه من الأنبياء الموحدين لله، فأصبح إبراهيم "أبا الأنبياء".


المفردات والمعاني:

*حُجَّة: دليل أو برهان.

*معجزة: أمر خارق للعادة يخص الله تعالى به الأنبياء والمرسلين.