في وسط إحدى الغابات الجميلة وعلى الأرض بين الأشجار العالية مُختبئًا من حرارة الشمس كان الأسد ملك الغابة نائمًا نومًا عميقًا بعد يوم طويل من العمل والتعب.


وبينما الأسد مُستلقٍ على الأرض كان أعلى غصن إحدى الأشجار فأر صغير يلعب ويمرح، لكنّه فجأة ودون أن ينتبه فقد الفأر توازنه وسقط من الغصن على رأس الأسد ومنه على ظهره.


نهض الأسد من نومه منزعجًا وقال بصوت غاضب: ما هذا الشيء الذي أفسد عليّ نومي، إن رأيته سأعاقبه عقابًا شديدًا؟ عندما سمع الفأر ذلك خاف وأسرع يجري قبل أن يراه الأسد ويُمسكه، ولم يبتعد خطوات قليلة عن الأسد حتّى تعثّر بحجر وصدرت منه صرخة عالية من شدّة الألم، ولم يستطع أن يتحرّك من مكانه خطوة واحدة.


عرف الأسد أنّ الفأر هو من كان على ظهره وأيقظه من نومه، فتوجّه إليه وأمسكه بيده الضخمة وقال له بنظرات غاضبة: ألا تعلم أنّ إزعاج ملك الغابة ممنوع أيها الصغير؟ ردّ الفأر بخوف: أنا آسف أيها الملك، أعدك إذا تركتني هذه المرة ولم تُعاقبني أنّي لن أكررها أبدًا، أرجوك أرجوك، وإن تركتني فلن أنسى لكَ ذلك وسأقدّم لك المساعدة متى ما احتجتها.


سكت الأسد قليلًا يفكّر وقال في نفسه: هاه، وكيف لمخلوق صغير وضعيف مثله أن يُساعد قويًا مثله!! وكان الأسد ما زال يشعر بالنعاس والتعب ولم يقوَ على معاقبة الفأر، فنظر إليه وقال بغضب: اغرب عن وجهي الآن، ولا تقترب مني مرة أخرى، وأفلت الفأر الخاف من يده ثم استلقى كما كان وأغمض عينيه، وهنا لم يصدّق الفأر أنه نجا فأسرع مبتعدًا عنه.


مرت الأيام وجاءت مجموعة من الصيادين إلى الغابة في مهمة كبيرة؛ وهي صيد الحيوانات الكبيرة والضخمة مثل الأسد.


وبينما كان الأسد يتمشّى بين الأشجار يتفقد الحيوانات استطاع الصيادون الماهرون أن يوقعوه في الشبكة، فبدأ يصرخ بأعلى صوته حتى سمعته الحيوانات جميعها.


رأى الفأر مشهد الأسد وهو في الشبكة ويحاول جاهدًا أن يخرج منها لكن دون جدوى، فخطرت له فكرة ذكيّة وأسرع لتنفيذها؛ إذ اقترب من الشبكة دون أن ينتبه له أحد من الصيادين وبدأ يقطع الحبال بأسنانه الحادة لعمل فتحة كبيرة يستطيع الأسد الخروج منها.


وبذلك استطاع الأسد بمساعدة الفأر النجاة من الصيادين وشبكتهم، وقال الأسد بعد ذلك للفأر: شكرًا لك أيها الفأر الصغير لمساعدتي، لقد ظننت أنني بقوّتي وحجمي الكبير أستطيع فعل كل شيء ولن يُصيبني أي أذى، لكن الآن فهمت أنّ القوي والكبير لا يستغني عن الضعيف والصغير، والتعاون بينهما سبيل الحياة.


معاني المفردات:

*نهض: قام.

*تعثّر: وقع.


ولقراءة المزيد من الحكايات الجميلة قبل النوم: قصة الثعلب والحمامة، قصة الذئب والثعلب.